المهري الأصيل

الاثنين، مارس 05، 2012

لا نبي بعدي...

الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة العقل وهدانا الى الإسلام وما كنا لنهتدي لولا 
أن الله هدانا. لقد منَّ الله علينا بأعظم نعمة في الوجود وهي نعمة الهداية
 إلى دينه الخاتم الشامل الكامل بقوله سبحانه و تعالى 
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ 
دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) 
(سورة المائدة آية 3)
و أصلي و أسلم على المبعوث رحمة للعالمين وحجةعلى الناس أجمعين 
سيدنا وحبيبنا المصطفى محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه 
وبسنته إلى يوم الدين .

في هذه الأيام كثر اللغط و كثر الأدعياء وكثر من يفتي في الناس بغير علم 
والبعض زاد في طغيانه فمنهم من حاد عن الطريق الصواب و منهم من شذ 
عن جماعة المسلمين ومنهم من ابتكر دينا جديدا و منهم من يدعي النبوة 
مما شكك البعض لهذا أحببنا ان نورد هذه الأيات لعل الله ان يذهب عن القلوب 
زيغها.

الإسلام هذا الدين العظيم نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين جميعا
وللناس كافة على مرالعصور و إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها 
قال سبحانه و تعالى ( وَمَاأَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) 
(الأنبياء آية 107)
وقال سبحانه و تعالى ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي 
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ 
النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) 
(سورة الأعراف آية 158 ) 

كما أنه أمر بالتبليغ بقوله سبحانه و تعالى
 ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ 
مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ 
إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
(سورة المائدة آية 67)                            


إن من أصولِ الدينِ عند أهلِ السنةِ والجماعةِ أن النبوةَ قد ختمت بالنبي محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم ، فلا نبي بعده صلواتُ الله وسلامهُ عليه ، فلو زعم شخصٌ أنه نبي فلا شك في كذبهِ وردتهِ ، لأنه قد عُلم من الدين بالضرورةِ أن النبوةَ ختمها اللهُ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم .                                                            

  أدلةُ ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم من القرانِ :

 قال تعالى : " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " [ الأحزاب : 40 ] . 

قال الطبري في " جامع البيان " : 
وَلَكِنَّهُ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ ، الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّة فَطُبِعَ عَلَيْهَا ، فَلَا تُفْتَح لِأَحَدٍ 
بَعْدَهُ إِلَى قِيَام السَّاعَة " .ا.هـ. 

وقال ابنُ كثيرٍ في " التفسيرِ " : 
" فَهَذِهِ الْآيَة نَصّ فِي أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده ، وَإِذَا كَانَ لَا نَبِيّ بَعْده فَلَا رَسُول بِالطَّرِيقِ 
الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لِأَنَّ مَقَام الرِّسَالَة أَخَصّ مِنْ مَقَام النُّبُوَّة فَإِنَّ كُلّ رَسُول نَبِيّ 
وَلَا يَنْعَكِس ... فَمِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى بِالْعِبَادِ إِرْسَال مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ مِنْ تَشْرِيفه لَهُمْ خَتْم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ بِهِ وَإِكْمَال الدِّين الْحَنِيف لَهُ ، 
وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابه وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّنَّة 
الْمُتَوَاتِرَة عَنْهُ أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده لِيَعْلَمُوا أَنَّ كُلّ مَنْ اِدَّعَى هَذَا الْمَقَام بَعْده فَهُوَ كَذَّاب 
أَفَّاك دَجَّال ضَالّ مُضِلّ وَلَوْ تَحَرَّقَ وَشَعْبَذَ وَأَتَى بِأَنْوَاعِ السِّحْر وَالطَّلَاسِم 
والنيرنجيات فَكُلّهَا مُحَال وَضَلَال عِنْد أُولِي الْأَلْبَاب " .ا.هـ. 

وقال القرطبي في " الجامع " : 
قَالَ اِبْن عَطِيَّة : هَذِهِ الْأَلْفَاظ عَنْهُ جَمَاعَة عُلَمَاء الْأُمَّة خَلَفًا وَسَلَفًا مُتَلَقَّاة عَلَى 
الْعُمُوم التَّامّ مُقْتَضِيَة نَصًّا أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي
 أَبُو الطَّيِّب فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِالْهِدَايَةِ : 
مِنْ تَجْوِيز الِاحْتِمَال فِي أَلْفَاظ هَذِهِ الْآيَة ضَعِيف . وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة
 ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ بِالِاقْتِصَادِ ، إِلْحَاد عِنْدِي ، وَتَطَرُّق خَبِيث إِلَى 
تَشْوِيش عَقِيدَة الْمُسْلِمِينَ فِي خَتْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّبُوَّةَ ، فَالْحَذَر الْحَذَر 
مِنْهُ ! وَاَللَّه الْهَادِي بِرَحْمَتِهِ . " .ا.هـ. 

وقال ابنُ حزمٍ في " المحلى " : 
" وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ؛ بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : 
" مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " .ا.هـ. 

وقال أيضاً : " مَسْأَلَةٌ : وَأَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مُذْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
 بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَحْيَ لَا يَكُونُ إلَّا إلَى نَبِيٍّ ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : 
" مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " .ا.هـ. 

ولو لم يكن في القرآنِ إلا هذه الآية الدالة على ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه لكانت كافيةً . 

 أدلةُ ختمِ النبوة بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم من السنةِ :

وردت نصوصٌ كثيرةٌ من السنةِ توضحُ هذا الأمرَ توضيحاً لا شك ولا توقف فيه البتة ، وهي نصوصٌ متواترةٌ ،  تنفي النبوةَ بعد محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم  منها :

‏* عَنْ ‏فُرَاتٍ الْقَزَّازِ ‏قَالَ : سَمِعْتُ ‏‏أَبَا حَازِمٍ ‏‏قَالَ : قَاعَدْتُ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏
خَمْسَ سِنِينَ ،‏ ‏فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ :‏ 
" ‏كَانَتْ ‏ ‏بَنُو إِسْرَائِيلَ ‏تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ، 
وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ " ، قَالُوا : " فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ " ، قَالَ : 
" فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ " . 

أخرجهُ البخاري (3455) ، ومسلم (1842) . 

‏عَنْ ‏‏سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ‏‏قَالَ : ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏لِعَلِيٍّ ‏: 
" ‏أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ ‏هَارُونَ ‏مِنْ ‏ ‏مُوسَى ،‏ ‏إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي " .
أخرجه مسلم (2404) . 

* فائدةٌ : نقل الإمامُ النووي عند شرحِ حديثِ سعدِ بن أبي وقاصٍ كلاماً 
عن القاضي عياض في الردِ على الرافضةِ فقال : ‏قَالَ الْقَاضِي : 
هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ الرَّوَافِض وَالْإِمَامِيَّة وَسَائِر فِرَق الشِّيعَة فِي أَنَّ الْخِلَافَة 
كَانَتْ حَقًّا لِعَلِيٍّ ، وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا . قَالَ : ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ ، فَكَفَّرَتْ 
الرَّوَافِض سَائِر الصَّحَابَة فِي تَقْدِيمهمْ غَيْره ، وَزَادَ بَعْضهمْ فَكَفَّرَ عَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي 
طَلَب حَقّه بِزَعْمِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ أَسْخَف مَذْهَبًا وَأَفْسَد عَقْلًا مِنْ أَنْ يُرَدَّ قَوْلهمْ ، أَوْ يُنَاظَرَ . 
وَقَالَ الْقَاضِي : وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا ؛ لِأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْأُمَّةَ كُلّهَا وَالصَّدْر الْأَوَّل 
فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْل الشَّرِيعَة ، وَهَدَمَ الْإِسْلَام ، وَأَمَّا مَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ الْغُلَاة فَإِنَّهُمْ لَا يَسْلُكُونَ 
هَذَا الْمَسْلَكَ . فَأَمَّا الْإِمَامِيَّةُ وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة فَيَقُولُونَ : 
هُمْ مُخْطِئُونَ فِي تَقْدِيم غَيْره لَا كُفَّار . وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة لَا يَقُولُ بِالتَّخْطِئَةِ لِجَوَازِ 
تَقْدِيم الْمَفْضُول عِنْدهمْ . وَهَذَا الْحَدِيث لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ ، بَلْ فِيهِ إِثْبَات 
فَضِيلَة لِعَلِيٍّ ، وَلَا تَعَرُّض فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَل مِنْ غَيْره أَوْ مِثْله ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَة 
لِاسْتِخْلَافِهِ بَعْده ، لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ 
حِين اِسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك , وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّ هَارُون الْمُشَبَّه بِهِ 
لَمْ يَكُنْ خَلِيفَة بَعْد مُوسَى ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاة مُوسَى ، وَقَبْل وَفَاة مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ
 سَنَة عَلَى مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أَهْل الْأَخْبَار وَالْقَصَص . 
قَالُوا : وَإِنَّمَا اِسْتَخْلَفَهُ حِين ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبّه لِلْمُنَاجَاةِ . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏ 

قَالَ الْعُلَمَاء : وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ عِيسَى بْن مَرْيَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 إِذَا نَزَلَ فِي آخِر الزَّمَان نَزَلَ حَكَمًا مِنْ حُكَّام هَذِهِ الْأُمَّة ، يَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
 وَلَا يَنْزِلُ نَبِيًّا " .ا.هـ. 

‏* عَنْ ‏ثَوْبَانَ ‏‏قَالَ :‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: 
" ‏لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ ، 
وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَأَنَا ‏‏خَاتَمُ ‏‏النَّبِيِّينَ ، 
لَا نَبِيَّ بَعْدِي " 

أخرجهُ الترمذي (2219) وقال : " ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " . 

والأحاديثُ في تقريرِ أنه لا نبي بعدهُ ولا شرع بعد شرعهِ متواترةٌ ، بل قد استقر 
هذا الأمرُ عند الصحابةِ رضي الله عنهم . 

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏إِسْمَاعِيلُ ‏‏قُلْتُ ‏‏لِابْنِ أَبِي أَوْفَى : 
"‏ رَأَيْتَ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏ابْنَ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "‏ ، ‏قَالَ : 
" مَاتَ صَغِيرًا ، وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ‏مُحَمَّدٍ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏نَبِيٌّ 
عَاشَ ابْنُهُ ، وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ " . 
أخرجهُ البخاري (6194) . 

فَهِم سلفُ الأمةِ من بعد الصحابةِ ذلك :

‏عَنْ ‏‏مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ :‏ 
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ :‏ 
" ‏إِنَّ لِي أَسْمَاءً : أَنَا ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏، ‏وَأَنَا ‏‏أَحْمَدُ ‏، وَأَنَا ‏الْمَاحِي ‏، ‏الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ 
‏‏بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا ‏الْحَاشِرُ ‏الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ ، وَأَنَا ‏الْعَاقِبُ ‏، 
‏الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ ،‏ ‏وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ ‏‏رَءُوفًا ‏رَحِيمًا " ... 
‏وَفِي حَدِيثِ ‏عُقَيْلٍ ‏‏قَالَ قُلْتُ ‏لِلزُّهْرِيِّ ‏: " ‏وَمَا ‏الْعَاقِبُ ؟‏ " ، 
‏قَالَ : " الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ " . 
أخرجهُ البخاري (3532) ، ومسلم (2354) واللفظ لمسلم . 

وقد نقل التواترَ جمعٌ من العلماءِ – رحمهم اللهُ – أنه لا نبي بعده . 

قال ابنُ حزمٍ في " الفصل " (1/68) : 
" وقد صح عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بنقلِ الكوافِ التي نقلت نبوتهُ 
وكتابهُ أنه أخبر أنه " لا نبي بعدهُ " .ا.هـ. 

وقال عبد القاهر البغدادي في " أصولِ الدين " ( ص 158) : 

" وقد تواترتِ الأخبارُ عنه بقولهِ : " لَا نَبِيَّ بَعْدِي " .ا.هـ. 

وقال ابنُ كثيرٍ في " التفسير " : 
" وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابه وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
فِي السُّنَّة الْمُتَوَاتِرَة عَنْهُ أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده لِيَعْلَمُوا أَنَّ كُلّ مَنْ اِدَّعَى هَذَا الْمَقَام 
بَعْده فَهُوَ كَذَّاب أَفَّاك دَجَّال ضَالّ مُضِلّ " .ا.هـ. 

وقال الكتاني في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " : 
" ذكر غيرُ واحدٍ أنها ثابتةٌ بالتواترِ ودلالةِ القرآنِ ، وفي المواهبِ قد أخبر 
اللّهُ تعالى ورسولهُ صلى اللّهُ عليه وسلم في السنةِ المتواترةِ عنه أنهُ لا نبي بعده 
ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال ولو تحذلق 
وتشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنيرنجيات فكلها محال وضلالة 
عند أولي الألباب " .ا.هـ.                                                                                               

ليس في النساء نبيِّات ولا رسولات :

ولا يتردد المسلم في الإيمان بعظيم حكمة الله تعالى في أفعاله ،
 فمن أسمائه عز وجل " الحكيم " ، ومن صفاته " الحكمة " .
وقد حكم الله تعالى بأن من صفات المرسَلين : 
الذكورة ، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماعَ على ذلك ، وله تعالى في ذلك 
أعظم الحكَم .

"ومن الكمال الذي حباهم به : أنه اختار جميع الرسل الذين أرسلهم من الرجال
 ، ولم يبعث الله رسولاً من النساء ، يدلُّ على ذلك : صيغة الحصر التي وردت
 في قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) الأنبياء/ 7 .
الحكمة من كون الرسل رجالاً :
كان الرسل من الرجال دون النساء لحكَم يقتضيها المقام ، فمن ذلك :
1. أنّ الرسالة تقتضي الاشتهار بالدعوة ، ومخاطبة الرجال والنساء ، ومقابلة 
الناس في السرّ والعلانية ، والتنقل في فجاج الأرض ، ومواجهة المكذبين 
ومحاججتهم ومخاصمتهم ، وإعداد الجيوش وقيادتها ، والاصطلاء بنارها ، 
وكل هذا يناسب الرجال دون النساء .
2. الرسالة تقتضي قوامة الرسول على من يتابعه ، فهو في أتباعه الآمر الناهي ،
 وهو فيهم الحاكم والقاضي ، ولو كانت الموكلة بذلك امرأة : 
لَمْ يتم ذلك لها على الوجه الأكمل ، ولاستنكف أقوام من الاتباع والطاعة .
3. الذكورة أكمل ، ولذلك جعل الله القوامة للرجال على النساء 
( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) النساء/ 34 ،
 وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ النساء 
( ناقصات عقل ودين ) .
4. المرأة يطرأ عليها ما يعطلها عن كثير من الوظائف والمهمات ، كالحيض والحمل والولادة والنفاس ، 
وتصاحب ذلك اضطرابات نفسية وآلام وأوجاع ، عدا ما يتطلبه الوليد من عناية ، 
وكل ذلك مانع من القيام بأعباء الرسالة وتكاليفها" .

ثانياً:
أما النبوَّة : فقد ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم 
إلى وجود نبيَّات من النساء ! ومنهن مريم بنت عمران ، ودليلهم ما جاء من آيات
 فيها بيان وحي الله تعالى لأم موسى – مثلاً - ، وما جاء من خطاب الملائكة 
لمريم عليها السلام ، وأيضاً باصطفاء الله تعالى لها على نساء العالَمين .
وهذا الذي قالوه لا يظهر رجحانه .

"وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء ، والرد عليهم من وجوه :
الأول :  أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس ، 
 النبي مرسل بتشريع رسول سابق .
لذلك يقول العلماء كل رسول نبي وليس كل نبي رسول.

وإذا كان الأمر كذلك : فالمحذورات التي قيلت في إرسال رسول من النساء قائمة
 في بعث نبي من النساء ، وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة
 لا تستطيع القيام بحقّ النبوة .

الثاني : قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة - أم موسى وآسيا - إنّما وقع مناماً ، 
او إلهاماُ. إنّ من الوحي ما يكون مناماً او إلهاماُ، وهذا يقع لغير الأنبياء .

الثالث : اذا نسلِّم لهم بقولهم : إن كل من خاطبته الملائكة فهو نبي ، ففي 
الحديث أن الله أرسل ملكاً لرجل يزور أخاً له في الله في قرية أخرى ، 
فسأله عن سبب زيارته له ، فلمّا أخبره أنه يحبّه في الله ، أعلمه أنَّ الله قد بعثه 
إليه ليخبره أنه يحبّه ، وقصة الأقرع والأبرص والأعمى معروفة ، 
وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم 
والصحابة يشاهدونه ويسمعونه .

الرابع : لا حجّة لهم في النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم ؛ 
فالله قد صرح بأنّه اصطفى غير الأنبياء 
( ثمُّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذين اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ
 وَمِنْهُم سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ ) فاطر/ 32 ، 
واصطفى آلَ إبراهيم وآلَ عمران على العالَمين ، ومِن آلِهِما من ليس بنبيّ جزماً 
( إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ) آل عمران/ 33 .
الخامس : لا يلزم من لفظ الكمال الوارد في الحديث الذي احتجوا به ، النبوة ؛ 
لأنّه يطلَق لتمام الشيء وتناهيه في بابه ، فالمراد : 
بلوغ النساء الكاملات النهاية في جميع الفضائل التي للنساء ، وعلى ذلك فالكمال 
هنا غير كمال الأنبياء .
السادس : ورد في بعض الأحاديث النصّ على أن خديجة من الكاملات ، 
وهذا يبيِّن أن الكمال هنا ليس كمال النبوة .

السابع: ورد في بعض الأحاديث أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان
 من مريم ابنة عمران ، وهذا يبطل القول بنبوة من عدا مريم كأم موسى وآسيا ؛
 لأنّ فاطمة ليست بنبيَّة جزماً ، وقد نصَّ الحديث على أنها أفضل من غيرها ، 
فلو كانت أم موسى وآسيا نبيتان لكانتا أفضل من فاطمة .

الثامن : وصف مريم بأنها صِدِّيقة في مقام الثناء عليها والإخبار بفضلها ، 
قال تعالى ( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَت مِن قَبْلِه الرُّسُلُ وَأُمُّهُ 
صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) المائدة/ 75 ، 
فلو كان هناك وصف أعلى من ذلك لوصفها به ، ولم يأت في نصّ قرآني 
ولا في حديث نبويّ صحيح إخبار بنبوة واحدة من النساء .
وقد نقل القاضي عياض عن جمهور الفقهاء أنّ مريم ليست بنبيّة ، 
وذكر النووي في " الأذكار " عن إمام الحرمين أنّه نقل الإجماع 
على أنّ مريم ليست نبيّة ، ونسبه في " شرح المهذب " لجماعة ، 
وجاء عن الحسن البصري : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ " .

{منقول من بعض اهل العلم}.

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق