المهري الأصيل

الجمعة، مارس 16، 2012

ضوابط أهل السُنة والجماعة في التحذير من أهل الأهواء والبدع والضلالة...

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

فهذه بعض النقول من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ثم من السلف والخلف 
في الرد على أهل البدع والأهواء ولو اقتضى الأمر ذكرهم بأسمائهم وتعيينهم وبغضهم والبراءةُ 
منهم، ووجوبُ معاداتهم ومجانبتهم في كل شيء، وتركُ محبتهم وموالاتهم؛ وذلك لخروجهم من السُّنَّة وابتداعهم في الدين وأن ذلك من أصول ومنهج السلف الصالح رحمهم الله.
ومنه يتبين في كل من كره ذلك وتصنع الورع في أنه لا يرد على أحد ولا يتكلم في أحد من باب عدم الخوض في العلماء وان لحوم العلماء مسمومة فيأتون بالكلام الحق يُراد به الباطل.
إن الرد على اهل البدع والأهواء وجرحهم والتحذير منهم وبغضهم معاداتهم ومجانبتهم  يُعتبر أصل في الإسلام 
وهو من أهم ابواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أهم أبواب النصيحة للإسلام والمسلمين
إذ أن اول من جرح وحذر من أهل الأهواء والبدع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في تحذيره
من الخوارج في عدد من الأحاديث وذم ذا الخويصرا بعينه كما سيأتي في صياغ سرد الأدلة على ذلك.

اولاً الأدلة من كتاب ربنا سبحانه وتعالى:
قال الله عز وجل: 
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ الَّلاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) 
[البقرة: 159-160].
وقال سبحانه: 
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) 
[البقرة: 174]. 
وقال سبحانه وتعالى: 
((وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)) 
[آل عمران: 187].
وقال سبحانه وتعالى:
((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) 
[آل عمران: 104].

ثانياً الأدلة من سُنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام:
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))
 [رواه مسلم ].
وهذا الحديث يبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على كل 
وأحدٍ كلاً على حسب هذه الدرجات.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريُّون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبهم فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّةُ خردل))
[رواه مسلم ].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سُئِلَ عن علم يعلمُهُ فكتمه ألجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من نار))
[ورواه ابن ماجه والترمذي وحسنه].
وفي الصحيحين أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال: خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، 
فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه 
فما يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه –وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس، قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته.
وروى أبو يعلى وغيره عن أنس قال: كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه، فوصفناه بصفته، فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل، قلنا هو هذا؟ قال: إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان، فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ قال: اللهم نعم، ثم دخل يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يقتل الرجل؟ قال: أبو بكر: أنا، فدخل عليه فوجده يصلي، فقال: سبحان الله، أقتل رجلا يصلي وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل المصلين؟! فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعلت؟ قال: كرهت أن أقتله وهو يصلي وأنت قد نهيت عن قتل المصلين، قال: من يقتل الرجل؟ قال عمر: أنا، فدخل فوجده واضعا جبهته فقال عمر: أبو بكر أفضل مني، فخرج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مه، قال: وجدته واضعا وجهه لله، فكرهت أن أقتله، فقال: من يقتل الرجل؟ فقال علي: أنا، فقال: أنت إن أدركته فدخل عليه فوجده قد خرج، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: 
مه، قال: وجدته قد خرج: قال: لو قُتل ما اختلف من أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم.
[سنن الدارقطني].

ثالثاً الأدلة من سلف الأمة رضوان الله عليهم:
روى ابن عدي في كامله بإسناده إلى سعيد بن جبير، قال:(قلت لابن عباس:إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب بني إسرائيل ليس صاحب الخضر، فقال: كذب عدو الله).
وساق بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:(أتيت الطور؛ فوجدت بها كعب الأحبار (فذكره بطوله)، فلقيت عبد الله بن سلام، فذكرت له أني قلت لكعب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن في الجمعة ساعة لا يصادفها مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه)). فقال: ذاك يوماً في كل سنة. فقال عبد الله بن سلام: كذب كعب ..)
ثم روى بإسناده عن ابن محيريز، (أن رجلاً من بني كنانة لقي رجلاً من الأنصار يقال له أبو محمد، فسأله عن الوتر؛ فقال: إنه واجب. فقال الكناني: فلقيت عبادة بن الصامت فذكرت ذلك له؛ فقال: كذب أبو محمد).
ثم روى بإسناده إلى عاصم، قال:(سألت أنس بن مالك عن القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده ؟ قال: قبله. قال: فإن فلاناً أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع. قال: كذب، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الركوع شهراً) 
[الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 1/61-62].
ثم روى بإسناده إلى أبي مسهر، (أنه سئل عن رجل يغلط، ويَهِم، ويصحف. قال: (بَيِّن أمره). قلت له: أترى ذلك من الغيبة ؟ قال: لا) 
ثم قال: (شعبة بن الحجاج)، وذكر فضائله ومزاياه ثم ذكر قوله: (لا تأخذوا عن سفيان الثوري إلا عن رجل تعرفون؛ فإنه لا يبالي عمن حَصَّل الحديث).
وفيه عن النضر بن شميل: (سمعت شعبة يقول: تعالوا حتى نغتاب في الله) 
[الكامل 1/81-84].
وسُئل شعبة أن يكف عن إبان؛ فقال: (لا يحل الكف عنه؛ لأن الأمر دين)
قال ابن مهدي: مررت مع سفيان الثوري برجل؛ فقال: (كذاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكت، لسكت)
[الموضوعات لابن الجوزي 1/50].
ثم قال: (سفيان الثوري)، وذكر له من نقده قوله: (عبد الوهاب بن مجاهد، كذاب) 
[الجرح والتعديل 1/76].
وذكر ابن أبي حاتم في (ترجمة الإمام مالك) بإسناده إلى عبد الرحمن بن القاسم قال: (سألت مالكاً عن ابن سمعان، فقال: كذاب) 
[المصدر السابق 1/23].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: 
(وأما الشخص المعين فيذكر ما فيه من الشر في مواضع:
ومنها أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم، كما في الحديث عن فاطمة بنت قيس، لما استشارت 
النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تنكح، وقالت إنه خطبني معاوية وأبو جهم، فقال:
((أما معاوية، فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم، فرجل ضراب للنساء)) وروي ((لا يضع عصاه عن عاتقه)) 
فبين لها أن هذا فقير قد يعجز عن حقك، وهذا يؤذيك بالضرب، وكان هذا نصحا لها، وإن تضمن ذكر عيب الخاطب. 
وفى معنى هذا، نصح الرجل فيمن يعامله ومن يوكله ويوصى إليه ومن يستشهده، بل ومن يتحاكم إليه، وأمثال ذلك. 
وإذا كان هذا في مصلحة خاصة، فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين من الأمراء، والحكام، والشهود، والعمال أهل الديوان، وغيرهم!، فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة)) قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) ، وقد قالوا لعمر بن الخطاب في أهل الشورى أمّر فلاناً وفلاناً، فجعل يذكر في حق كل واحد من الستة - وهم أفضل الأمة - أمراً جعله مانعاً له من تعيينه.
وإذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية، الخاصة والعامة، مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون كما قال يحيى بن سعيد:
(سألت مالكاً، والثوري، والليث بن سعد - أظنه -، والأوزاعي، عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ، فقالوا: بَيِّن أمره)، وقال بعضهم لأحمد بن حنبل:
(إنه يثقل علىَّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا) فقال: (إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!).
ومثل أئمة البدع، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل:
(الرجل يصوم، ويصلى، ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع، فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل)، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله، ودينه، ومنهاجه، وشرعته، ودفع بغى هؤلاء وعدوانهم على ذلك، واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء، لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء ...
فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقّوا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانين أنَّها هدى وأنَّه خير، وأنَّها دين ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها) ا.هـ
[مجموع الفتاوى 28/229-233].
وقال أيضاً رحمة الله تعالى عليه: 
(لهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة، كما روي ذلك عن الحسن البصري وغيره؛ لأنه لما أعلن ذلك، استحق عقوبة المسلمين له، وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر، ويكف الناس عنه وعن مخالطته، ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة، لاغتر به الناس، وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه، ويزداد –أيضًا- هو جرأة وفجوراً ومعاصي، فإذا ذكر بما فيه انكف، وانكف غيره عن ذلك، وعن صحبته ومخالطته، 
قال الحسن البصري ‏:‏ (أترغبون عن ذكر الفاجر‏؟‏ اذكروه بما فيه كي يحذره الناس)، وقد روي مرفوعًا، و‏‏الفجور‏‏: اسم جامع لكل متجاهر بمعصية، أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله‏.‏ 
ولهذا كان مستحقاً للهجر إذا أعلن بدعة، أو معصية، أو فجوراً، أو تهتكاً، أو مخالطة لمن هذا حاله، بحيث لا يبالي بطعن الناس عليه، فإن هجْره نوع تعزير له، فإذا أعلن السيئات، أعلن هجره، وإذا أسر، أسر هجره، إذ الهجرة هي الهجرة على السيئات، وهجرة السيئات هجرة ما نهى الله عنه، 
كما قال تعالى: ((وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)) 
[المدّثر: 5]، 
وقال تعالى: ((وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)) 
[المزّمِّل: 10]،
وقال: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ)) 
[النساء: 140]) ‏ ا.هـ
وروى الإمام اللالكائي عن ”عاصم الأحول قال: (قال قتادة: يا أحول، إن الرجل إذا ابتدع بدعة، ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر).
وعن إبراهيم قال: (ليس لصاحب البدعة غيبة).
وعن الحسن البصري قال: (ثلاثة ليست لهم حرمة في الغيبة، أحدهم صاحب بدعة الغالي ببدعته).
وعنه أيضاً قال: (ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة).
وعنه أيضاً قال: (ليس لأهل البدع غيبة).“ 
[اعتقاد أهل السنة للالكائي 1/135-144].
وقال ابن الجوزي عن الإمام أحمد: (وقد كان الإمام أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنّة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنّة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين) 
[مناقب الإمام أحمد 253].
وقال الإمام أحمد: (لا غيبة لأصحاب البدع) 
[طبقات الحنابلة ( 2/274).
وقال الإمام ابن أبي زمنين رحمه الله: (ولم يـزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عـن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبـة لـهم، ولا طعناً عليهم) 
[أصول السنة ( ص: 293 ).
وقال بشر الحارث: (كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه)، قال الذهبي في ابن حي: (مع جلالته وإمامته، كان فيه خارجية) 
[تذكرة الحفاظ (1/216).
قال ابن عباس: ” لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب” 
[أخرجه الآجري في الشريعة 1/453].
وقال أسماء بن عبيد: ” دخل رجلان من أهل الأهواء على ابن سيرين، فقالا: يا أبا بكر، نحدثك بحديث. قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومانِّ عني أو لأقومنَّ. قال: إني خشيت أن يقرآ عليَّ آية فيحرفاها فيقرَّ ذلك في قلبي” 
[أخرجه الدارمي 1/81].
فانظر يا طالب العلم، كيف رفض ابن سيرين أن يسمع منهم حديثا نبويا أو آية قرآنية، فحذارٍ أن تغتر بمن يُلبِّس عليك، فالذي يدخل القلب من الصعب أن يخرج، فاحرص على السُّنَّة.
وقال الأوزاعي:” عليك بأثر من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراءَ الرجال وإن زخرفوا لك بالقول” [ذكره الذهبي في العلو(المختصر) ص138].
وقال الفضيل بن عياض: ” أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد. آكل عند يهودي ونصراني أَحبُّ إليَّ من صاحب بدعة. 
[أخرجه اللالكائي 2/638].
وقال عبد الله بن المبارك: ” صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن ادَّهن كل يوم ثلاثين مرة” 
[أخرجه اللالكائي 1/159].
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره لقول الله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا…) الآية [الأنعام: 68]: ” 
وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتمسح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة، وبدعهم الفاسدة. فإنه إذا لم يُنْكِر عليهم ويُغَيِّر ما هم فيه، فَأَقَلُّ الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير غير عسير. وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهةً يشبهون بها على العامة، فيكون حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر” 
[فتح القدير 2/128].

رابعاً الأدلة من الخلف من العلماء علماء السُنة رحمة الله تعالى عليهم:
قال سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يرحمه الله تعالى:(( فالواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله - فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا : ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)) ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولاً وأعداء الإسلام من الإنس ثانياً ، لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن ، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم ، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه )) .
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202).
ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه "الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات" (ص107): 
((لا شك ان الضوابط لهذا الخلاف هي الرجوع إلى ما أرشد الله إليه في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً))، وفي قوله : ((وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله)) فالواجب على من خرج عن الصواب في العقيدة أو في العمل أي في الأمور العلمية والعملية أن يناقش حتى يتبين له الحق فيرجع إليه أما خطؤه فيجب علينا أن نبين الخطأ وأن نحذر من الخطأ بقدر الاستطاعة ، ومع ذلك لا نيأس ، فإن الله قد رد أقواماً لهم بدع كبيرة حتى صاروا من أهل السنة ).
قال أيضاً في نفس المصدر ( ص116 ) : 
(إذا كان الخلاف في مسائل العقائد فيجب أن تصحح وما كان على خلاف مذهب السلف فإنه يجب إنكاره والتحذير ممن يسلك ما يخالف مذهب السلف في هذا الباب) اهـ. 

وختاماُ:
ليعلم كل مسلم طالب للحق ان نقد اهل البدع وبغضهم وعدم مجالستهم من اعظم الجهاد لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعتبر كذلك من اعظم ابواب النصيحة لله لأنه فيه ذب عن دين لله وحمايته من العقائد الفاسدة
ومن الأهواء والبدع والضلال وهذا هو المنهج الحق الذي كان عليه رسولنا عليه الصلاة والسلام ومن ثم سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم ومن إتبعهم إلى يوم الدين.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق